صبر النبي أيوب كم سنة، الصبر عبادة عظيمة، أمر الله سبحانه وتعالى به في القرآن الكريم، وقد جاء ذكر الصبر في العديد من الآيات، منها قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}، فالصبر من الكلمات التي تحمل الكثير من المعاني، ومفهوم الصبر لغةً يعني: نقيض الجزع، أمّا في معجم المعاني يعني: الإحتمال، التجلّد، والإطمئنان دون إستعجال أو شكوى، وحبس النفس ومنعها، أمّا معناه في الإصطلاح يعني: منع النفس عن محارم الله وحبسها علي أداء الفرائض والعبادات، ومنعها من الشكاية والتسخّط، والرضا بقضاء الله وقدره، وسنتحدث في هذا المقال من خلال موقع فكرة علي صبر النبي أيوب كم سنة.

من هو النبي أيوب

هو أيوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذا النسب بقوله عز وجل: “وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” سورة الأنعام 84، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم في أربعة أماكن، ووصفه الله سبحانه وتعالى بصفة الصبر، عندما ابتلاه في ماله وجسده وأولاده، فصبر علي ذلك صبرًا شديدًا، فجاء الجزاء من الله سبحانه وتعالى علي هذا الصبر بمعافاته معافاة كاملة من مرضه.

صبر النبي أيوب كم سنة

أشار الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم إلي صبر النبي أيوب علي مرضه، فقال: “إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ”، وقال علماء التفسير والتاريخ أن النبي أيوب كان رجلاً كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه، وكان يمتلك الأنعام، والعبيد، والمواشي، والأراضي المتسعة في أرض حوران في بلاد الشام، وورد عن الحسن البصري وعن المؤرخ اليهودي وهب بِِن منبِّه، أن النبي أيوب كان جوادًا سخيًا عابدًا لله سبحانه وتعالى، مؤديًا واجباته قائمًا بحقوق الناس، حتى بلغ من رضا الله سبحانه وتعالى عنه أن الملائكة في السماوات كانت تصلي عليه، وقد سمع إبليس صلوات الملائكة، فزعم أنَّ سيدنا أيوب يعبد الله بسبب ما أنعم به عليه من المال والخدم والأولاد والصحة التامة، وأنه إذا سلط عليه وأذهب عنه كل النعم فلن يشكر الله أبدًا.

تسليط الشيطان على النبي أيوب لاختباره

أَذَنَ الله سبحانه وتعالى بإبتلاء وإختبار النبي أيوب، فجعل للشيطانِ سلطانًا في إيذائه وأعلن حربه علي ممتلكاته؛ فسلَّطَ جنوده وأتباعه ليحرقوا كل ما يملك، وكان يأتيه كل مرة بخبر هلاك جزء من ممتلكاته، فيجيبه سيدنا أيوب: “إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، لله ما أعطَى، ولله ما أخذ”، وروى الإمام إبن عساكر أن النبي أيوب كان له أولاد وأهل كثيرون، فسُلب من ذلك جميعه، وابتلى في جسده بأنواع البلاء، ولم يبقى منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، وكان يذكر الله عز وجل بهما، وهو في ذلك كله صابر، محتسب، وذاكر لله عز وجل في ليله ونهاره، وصباحه ومسائه، فطال مرضه 18 عامًا حتى ابتعد عنه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وانقطع عنه الناس، ولم يبقى أحد يحنو عليه سوى زوجته، التي كانت ترعاه لقديم إحسانه إليها، فكانت تتردد إليه، وتصلح من شأنه، وتعينه علي قضاء حاجته.

شاهد أيضًا:

معلومات عن قرين الأنثى

هل مرض النبي أيوب مرضًا منفرًا

قال المفسر الإسلامي إسماعيل السدي أن النبي أيوب تساقط لحمه ولم يبقى إلا العظم والعصب، وكانت إمرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها قالت: يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك، فقال لها: لقد عشت سبعين سنة سليمًا، فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة، فعجزت زوجته عن الكلام، وكان دعاء النبي أيوب: “ربي أَنِّي قد مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”، ويقال أن زوجته كانت تخدم الناس بالأجر لتطعم النبي أيوب عليه السلام، لكن الناس لم يكونوا يقربونها خوفًا أن ينالهم من بلائه، حتى لجأت لبيع ضفائرها.

شفاء النبي أيوب

قال إبن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، أنه كان لأيوب أخوان، فجاءا يومًا فلم يستطيعا أن يقتربوا منه بسبب مرضه، فقاما من بعيد، فقال أحدهما لصاحبه: لو كان الله عَلِم من أيوب خيرًا ما ابتلاه بهذا، فجزع أيوب من قولهما جزعًا لم يجزع قبله من شيء، ودعا ربه ساجدًا، فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبدًا حتى تكشف عني، فما رفع رأسه حتى كُشف عنه، إستجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء أيوب، وأمرهُ أن يضرب برجله الأرض، فخرجت منها عينٌ باردة تغسل بها حتى أذهبت عنه السوء، وعندما رأته زوجته خدعت فيه، فقال لها: “أنا أيوب لقد رد الله على جسدي”.

ويقول الله عز وجل في كتابه العزيز، في سورة ص: “وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ▪︎ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ▪︎وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ▪︎وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ”، وروى عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: “بينما أيوب يغتسل عريانًا خرّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه عز وجل: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك”. رواه البخاري، وقد ذكر الإمام إبن جرير الطبري وغيره من علماء التاريخ، أن سيدنا أيوب عليه السلام لما توفي كان عمره ثلاثًا وتسعين عامًا.

شاهد أيضًا:

هو سمن يعتري الحرف فيمتلئ الفم بصداه

عظات وعبر مستنتجة من قصة النبي أيوب

في قصة سيدنا أيوب عليه السلام الكثير من العبر والعظات التي تُعين المؤمن في دنياه وترشده لما فيه خير وصلاح لدنيته وآخرته، من هذه العبر ما يلي:

  • يجب الصبر علي الشدائد والإبتلاءات التي يتعرض لها المسلم في حياته، فالإبتلاء هو سنة الله سبحانه وتعالى في عباده، حتى يميز الصالحين من الفاسقين والمنافقين، بدليل قوله تعالى: “ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم”.
  • لزوم التضرع والتقرب إلي الله سبحانه وتعالى واللجوء إليه وعبادته في جميع الأحوال.
  • ضرورة اليقين الكامل والثقة التامة بقدرة الله سبحانه وتعالى وإستجابته لتضرع عباده، فالله سبحانه وتعالى وحده القادر علي فك الكرب وتفريج الهم والغم عن المسلم.

 

إن صبر النبي أيوب، من أكثر العبر التي جاءت بها قصص الأنبياء لتدعونا إلي الصبر وتهدينا إلي الرضا بقضاء الله وقدره، فكان سيدنا أيوب عليه السلام خير مثال علي الصبر والرضا لأنه إستطاع أن يصبر علي ابتلاءات شديدة ويحتسبها عند الله عز وجل، إلي هنا نكون قد وصلنا إلي ختام هذا المقال الذي تحدثنا فيه من خلال موقع فكرة، عن بعض المعلومات عن سيدنا أيوب، وعن صبر النبي أيوب كم سنة، وعن مرضه وشفاءه، والعبر التي المستفادة من قصة نبي الله أيوب.